سيئول، 24 مايو(يونهاب) -- عبرت سفيرة جمهورية السودان أميرة عقارب عن أملها في أن التوقيع على الهدنة في جدة التي دخلت حيز التنفيذ يوم الاثنين الموافق 22 مايو، تتمخض عن حل دائم للأزمة التي يمر بها الشعب السوداني .
ذكرت السفيرة أميرة ذلك أثناء لقاء صحفي أجرته معها وكالة يونهاب للأنباء اليوم الأربعاء للاستماع منها لآخر مستجدات أوضاع السودان الحرجة جراء النزاع المسلح بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع وذلك في مقر السفارة في حي إيتيوان وسط العاصمة سيئول، وقالت السفيرة " هناك ظروف إنسانية صعبة في العاصمة الخرطوم، حيث يعاني الناس من النقص في المواد الغذائية والأدوية خصوصا كبار السن والأطفال، موضحة أنها تجري لقاءات مع مسئولين وزيارات للجهات المختصة للبحث عن سبل الدعم الممكن للسودان.
فيما يلي أهم ما جاء أثناء اللقاء :
س: تم إجلاء الكوريين المقيمين في السودان مؤخرا ، وكانت عملية الإجلاء ليست سهلة، ما الدور الذي قامت به السفارة في هذا الخصوص؟
ج: عقب اندلاع الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني والقوات المتمردة التي حاولت الاستيلاء على السلطة غادرت طائرة عسكرية كورية جنوبية على متنها طواقم أمنية وطبية لإجلاء 28 من المواطنين الكوريين ، وتوجهت إلى"جيبوتي ومنها الى مدينة بورتسودان التي تقع على البحر الاحمر شرقي البلاد بعد ان تم إغلاق مطار العاصمة السودانية الخرطوم. قامت وزارة الخارجية الكورية عبر مديرة إدارة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية والسفارة الكورية بالخرطوم بالتنسيق مع الجهات السودانية المختصة مثل وزارة الخارجية والقوات المسلحة والسلطات الأمنية التي عملت جاهدة على تأمين البعثات الدبلوماسية المختلفة بعدما قامت القوات المتمردة باعتداءات سافرة على بعثات وعملت الجهات المختصة على إصدار التصاريح الخاصة بالمغادرة وقد كانت هناك متابعة لصيقة – ليل نهار - من سفارة السودان بكوريا ووزارة الخارجية الكورية منذ مغادرة الكوريين الخرطوم وحتى وصولهم الى ميناء بورتسودان حيث تم تقديم الإرشادات وحل العقبات التي واجهت الكوريين ، وقد سعدنا جدا لوصول الكوريين الى وطنهم سالمين .
س: الكوريون لا يعرفون جيدا السبب في اندلاع الاشتباكات العسكرية بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع، هل يمكن أن تشرحوا لنا باختصار؟
ج: حسب البيان الصادر من القوات المسلحة فان قوات الدعم السريع التي كانت تخضع لإمرة الجيش السوداني قامت بالتمرد وحركت قوات عسكرية الى مطار مروي دون الرجوع للقيادة وبعدها شنت هجوم على القصر الرئاسي والمقرات العسكرية والمطار بغرض الاستيلاء على السلطة.
س: لماذا ركزت الاشتباكات على العاصمة الخرطوم والخرطوم بحري وام درمان؟
ج: تركزت الاشتباكات بين الجيش والقوات المتمردة في بدايتها على ولاية الخرطوم وركزت على العاصمة المثلثة والمكونة من الخرطوم -بحري – امدرمان وخصوصا في محيط القصر الرئاسي ومطار الخرطوم ومقر الإذاعة والتليفزيون وركزت على هذه المدن لأن بها الوزارات السيادية و المقار العسكرية ومقار البعثات الدبلوماسية وبعدها انتقلت لمدن وبلدات صغيرة تحديدا في الولاية الشمالية ودارفور ولكن سيطر الجيش السوداني على كل هذه الولايات والمناطق الرئيسية في الخرطوم وتبقت بعض الجيوب التي يعمل الجيش للقضاء عليها وقد توفي حوالي 900 مواطن من المدنيين واكثر من 4000 من الجرحى حسب تقارير نقابة الأطباء وهناك عدد كبير من القتلى لم تتمكن نقابة الأطباء من حصرهم بسبب صعوبة الوصول الى المستشفيات ومناطق الاشتباكات.
س: ماذا يخطط الجيش لإنهاء الحرب الأهلية
ج: يخطط الجيش لإنهاء التمرد بحسمه عسكرياً ومنحت القوات المسلحة السودانية العفو لمنتسبي الدعم السريع الذين يودون الانضمام للقوات المسلحة السودانية
س: كيف تم تشكيل قوات الدعم السريع وما الذي يريده قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو من هذه الحرب ؟
ج:تم تشكيل قوات الدعم السريع بقانون صدر من البرلمان السوداني عام 2014 بهدف دعم القوات المسلحة السودانية ولكن بعد الاشتباكات الأخيرة قامت القوات المسلحة بحلها .
س: ما هي أوضاع الذين آثروا البقاء في الخرطوم والذين غادروا الى الأقاليم؟
ج: هناك ظروف إنسانية صعبة في العاصمة حيث يعاني المواطنون من نقص في المواد الغذائية والأدوية وخصوصا الأدوية الخاصة بمرضى الكلى والسرطان وهناك 4000 من مرضى الكلى حياتهم في خطر اذا لم يتلقوا العلاج وكذلك وجود نقص حاد في الأدوية المنقذة للحياة وأدوية الأمراض المزمنة.
كما ان هناك انقطاع للكهرباء والمياه في المناطق التي تجري بها الاشتباكات وحسب تقرير الأمم المتحدة هناك حوالي 16مليون سوداني في حوجة للغذاء منهم حوالي 3 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية ,وهناك أكثر من 2 مليون نازح خرجوا من الخرطوم الى المدن المجاورة والى الحدود بين السودان وتشاد والحدود المصرية , ويعاني النازحون على الحدود من ظروف إنسانية صعبة وخصوصا كبار السن والأطفال وهم في حوجة الى مياه الشرب النظيفة والمستشفيات المتحركة والغذاء والخيم المؤقتة .
س: ما هي رسالة موجهة للمجتمع الدولي وكوريا الجنوبية؟
ج: قامت الحكومة بتخصيص 3 مطارات لاخلاء العالقين و لتلقي المساعدات الإنسانية من خلال المطارات في دنقلا ووادي سيدنا وبورتسودان وميناء بورتسودان وحسب تقارير المنظمات الدولية هناك احتياج لدعم عاجل بحوالي 500 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الإنسانية .قدمت العديد من الدول مساعدات للسودان ومنها المملكة العربية السعودية التي أطلقت حملة تبرعات للشعب السوداني وكذلك وصلت طائرات مساعدات من الكويت وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ومن بعض المنظمات الدولية ، وما زالت هناك حوجة كبيرة للمساعدات ، ومن خلال هذا المنبر أدعو المجتمع الدولي بصورة عامة وكوريا الجنوبية بصفة خاصة لتقديم العون الإنساني في هذا الظرف الحرج والمساعدة في إعادة إعمار السودان بعد توقف الحرب .
س: الأجانب الذين غادروا البلاد عبر بورتسودان شكروا أهالي بورتسودان هل يمكن ان تحدثينا عن الخدمات التي قدموها للأجانب والسودانيين العالقين ؟
ج: هذه طبيعة الشعب السوداني الطيب المسالم فمن شيمهم إكرام الضيوف وإغاثة الملهوف ومد يد العون الى كل محتاج فقد فتح الناس أبواب بيوتهم للقادمين ,وقاموا بإعداد الطعام لكل القادمين, وهذه المساعدات لم تقتصر على بورتسودان فقط بل في كل مدن السودان حيث غادر السودانيون الى قرى ومدن أخرى و تمت استضافتهم في البيوت و قدم لهم الأهالي الغذاء والدواء .
س: بتقديركم هل يمكن للكوريين الذين وصلوا الى كوريا العودة للسودان في المستقبل القريب؟
ج: حاليا يباشر القنصل الكوري عمله من جدة ونأمل ان يعود الكوريون للعمل بعد عودة الأمور الى طبيعتها ويعمل السودان وكوريا على تقوية الصلات أكثر, وهناك بصيص أمل ونحن نستبشر خيرا بعد ان تم التوقيع حاليا على هدنة في جدة دخلت حيز التنفيذ اليوم الاثنين 22/5/2023م وأعلن عن توقف إطلاق النار لمدة أسبوع حيث تفتح ممرات لوصول المساعدات الإنسانية وتتواصل الجهود للوصول الى حل دائم ونشيد بدور المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية على مساعيهما وكذلك المبادرات التي تقوم بها الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية ودول الإيجاد.
س: بالنسبة للعلاقات بين كوريا الجنوبية والسودان ما هي أنواع المنتجات السودانية التي تستوردها كوريا من السودان والمشاريع التي تنفذها كوريا في السودان؟
ج: تستورد كوريا بعض المنتجات الزراعية مثل السمسم والزيوت من السودان إلا ان حجم التبادل التجاري دون المستوى المطلوب وخصوصا ان السودان له موارد اقتصادية هائلة وارض زراعية خصبة وموارد سمكية والسودان من اكبر الدول التي تنتج السمسم والصمغ العربي الذي يشكل 80 في المئة من الإنتاج العالمي والقطن والكركدي والذرة والدخن .وكذلك يحتل السودان المرتبة الثالثة في إفريقيا من حيث إنتاج الذهب بالإضافة الى موراد معدنية هائلة حيث أن هناك اكبر احتياطي للنحاس في العالم واليورانيوم وثروة حيوانية كبيرة.تنفذ كوريا عددا من المشاريع الاستثمارية في مجال تجميع السيارات وتوريد المعدات الزراعية وفي مجال الذهب والكهرباء وفي مجال الصحة والصناعات الدوائية والطاقة الشمسية ونسعى في مقبل الأيام إلى زيادة العلاقات التجارية بين البلدين فالسودان يمتلك الموارد الهائلة وخصوصا في مجال الأمن الغذائي والمعادن وكوريا لديها تقنيات حديثة بما فيه فائدة الشعبين.
س: ما هي انطباعاتكم عن كوريا قبل الوصول إليها وبعد الوصول إليها؟
ج: العلاقة السودانية الكورية بدأت منذ الخمسينات وبدأت علاقات البلدين القنصلية في عام 1975 .وكانت هناك شركة دايو الكورية لصناعة الإطارات في بورتسودان وهناك كانت أول معرفتي بمواطنين كوريين وعرفت آخرين التقيتهم في دول أخرى وكذلك قرأت الكثير عن كوريا وعن تاريخها والتطور الذي أثار إعجاب العالم وبدأت التعرف على الثقافة الكورية من خلال الدراما الكورية والفرق الفنية مثل الكي بوب والبي تي اس التي غزت العالم وبعد حضوري الى كوريا أعجبت كثيرا بالطبيعة الساحرة والنهضة العمرانية والتطور في مجالات التكنولوجيا وقد زرت مدنا قريبة وكذلك تعرفت على الشعب الكوري المضياف والثقافة المتجذرة وأنا افخر بكوني ابتعثت الى هذه البلاد التي تنعم بالأمن وتعلي من قيم الديمقراطية والحرية والسلم .
يشار الى أن السفيرة أميرة عقارب قدمت أوراق اعتمادها كرئيسة للبعثة للرئيس يون سيوك-يول بتاريخ 12 من مايو، ووصلت الى كوريا الجنوبية في أكتوبر عام 2022م، بعد أن عملت كقائم بالأعمال في سفارة جمهورية السودان بواشنطن منذ مارس 2020 ، وتخرجت السفيرة أميرة في جامعة الخرطوم ودرست الاقتصاد والعلوم السياسية وحصلت على شهادة دراسات عليا في الدراسات الإفريقية والآسيوية وعملت في رئاسة الوزارة وتركيا والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الامريكية إلى جانب مشاركتها في العديد من المؤتمرات الدولية في العديد من الدول .
(انتهى)
peace@yna.co.kr